الخميس، 10 يناير 2013

مقدمة


بإسمك اللهم :
للإنفصام الحاصل اليوم في شخصية المسلم أسباب عديدة من أهمها :انعدام الإقتناع الفكري بأسس وغايات الدين عند العديد من المسلمين ..فللقناعة الفكرية دور كبير في تعميق الفكرة والإيمان بها ،مما يجعل العديد منا يفتقرون حتى للبرهنة البسيطة على إيمانهم لحد أن بعضنا صار مسلما بالتوارث ..بينما الصحوة الإسلامية لايمكن أن ترقى لمستواها الحضاري إلا بتعميق الإقتناع بكل مبادئ الدين : مما يعني بناء العقل الحقيقي للمسلم الذي من أهم شروطه :
ــ التربية على الأخلاق الكريمة والوعي بغاياتها الشريفة
ــ فهم القرآن الكريم فهما سليما مما يجعل المسلم يرقى إلى عمق الفكر الإسلامي وتكون له دوافع ذاتية للتساؤل في فهمه للقرآن وكل علومه
ــ الإلتزام بالسنة الشريفة والإقتناع بالبديل الإسلامي لأزمة الإنسانية كلها .
وهذا يتطلب مستويات راقية لغة وفهما..مما يلزم الرفع من مستوى تعليم اللغة العربية التي أصبح العديد من العرب لاينطقونها..كما يلزم الإهتمام بكل العلوم لترسيخ قناعات الدين أو ترسيخ الإيمان العلمي.

أزمة فكر



أزمة فكر :

فالعقل الغربي اليوم عقل استقرائي نقدي جدلي ، ويعمق علماء الغرب هذا الأسلوب الذي جعلهم يسيطرون ببساطة على الطبيعة وكل العلوم الحديثة.. في الوقت الذي نرى فيه بعض فقهاء الصحوة يكرس المدرسة السكولاستيكية العتيقة في بناء عقولنا : مما يجعل العديد من الإسلاميين يغرقون في معلومات عديدة يحفظونها عن ظهر قلب .. مما يكرس فينا المواقف الشعاراتية التي تميل للإصلاحات السياسية دون اهتمام ملموس بمجالات الإصلاح الأخرى :أهمها كيفية الرقي بعقل المسلم إلى مستوى فكره الإسلامي ..هذا الفكر الذي أسسه فطاحلة العلماء والذي نجده اليوم مهمولا ترفض المكتبات حتى عرضه لاهتمام القراء بالكتب الأولية في الفقهيات..مما يفتح المجال واسعا أمام موضوع : »أزمة الكتاب الإسلامي أو أزمة القراءة بالعربية « هذه الأزمة التي كرست هاته المشاكل ومفكروا الأمة غير مشجعون لارسميا ولاشعبيا، في الوقت الذي نرى الغرب يفتح فيه كل أبواب النجاح لمفكريه لحد ترجمة كتبهم .مما جعل جل برامج تعليمنا اليوم مستوردة ، وتفتقر لروح تجديد الثقافة الأصيلة التي فصلتها بعض الدول لتقتلها بمستوى تدريسي أكثر من رديء ..ولندرس اليوم برامج الحداثة بدوس أعمى لكل أسس ومستلزمات العقل المسلم الحر، ونحن ندعي وهما أننا في صحوة ناجحة..
بينما اقتناعي أن صحوتنا في أزمة منذ إقلاعها ولا زالت تعاني من عراقيل عديدة تسعى لطمس انطلاقها،بل ولا زالت لم تنطلق بعد نحو حتى محاولة اليقظة ففرق بين الصحوة واليقظة التامة ..ومن أهم عراقيلها أزمة فكر المسلم بل وانفصام شخصيته، في الوقت الذي لايمكن أن نقدم اليوم ديننا الإسلامي الحاث على العلم بعيدا عن علوم العصر.
فصحوتنا إذن في أزمة بارزة نلمس مظاهرها في :
ــ الفكر الرجعي عند بعض المصلحين مما جعل أتباعهم يعطون للإسلام صورة لاحضارية جعلت الغرب يكرس فكرته على أن الإسلام خلف المسلمين، وبأنه ضد التقدم والحضارة.. وهؤلاء يسيئون من حيث يظنون الإحسان على مستوى الدعوة.
ــ التطلعات السياسية للعديد من الإسلاميين الأمر الذي أصاب صحوتنا بأمراض النفاق والمصلحية والطمع والتسابق على أخذ المراكز الحركية لحد التصادم داخل الجماعة الواحدة وبين التيارات باسم الإسلام.
ــ الإعلام السياسي الذي يعطي أهمية كبرى للفكر السياسي على حساب المجالات الأخرى .
ــ التصادم العنيف مع السياسات الرسمية لبعض الجماعات أو الذوبان في سياستها لحركات أخرى
ــ إنعدام التنظيرات العميقة لنجاح الصحوة والوعي بعراقيلها .
ــ عدم تقديم الإسلام كاملا بكل علومه وإبراز الجانب الفقهي والجانب السياسي غالبا مع نبذ فظيع لكثير من العلوم الأخرى كعلوم التصوف والفلسفة الإسلامية وكثير من علوم الفقه والقرآن
ولصحوتنا العديد من العراقيل المادية والمعنوية الأخرى والتي لاخلاص منها ما لم تتظافر الجهود كلها لإيجاد أسلوب موحد شامل وذو إطار واسع للم الإختلاف ،هذا الإختلاف ـ السياسي غالباـ والذي لن يكسره إلا ا لمنطق العلمي الذي يتميز به الإسلام دون سائر الديانات
.

علمية القرآن الكريم



علمية القرآن الكريم :

إن القرآن الكريم ليس كتاب شريعة وتبرك فقط كما يفهم بعضنا ولا كتاب ثورة طبقية كما يريد تسخيره آخرون بل هو كتاب هداية وعلم ونور :
ــ كتاب هداية بكل تفاصيل العبادة ومستلزماتها
ــ كتاب علم بمعناه الإشاري لاالتفصيلي
ــ وكتاب نور بمعناه الرمزي المعنوي والذوقي
مما يجعل للقرآن الكريم صفة لاتليق إلا بكتاب مقدس حقا..
وهناك آلاف المواضيع يحتويها القرآن الكريم لاتخرج عن هاته الثلاتية التي منها تنبثق كل علوم القرآن والحديث..إلا أن المسلمين اليوم لازالوا لا ياخدون القرآن بكل شموليته مما يجعل كثيرا من العلوم لايعيرها حتى علماء الإسلام أية أهمية كعلم اليقين كما في قوله تعالى : » كلا لو تعلمون علم اليقين« وعلم الكتاب : »وقال الذي عنده علم من الكتاب أنا آتيك به قبل أن يرتد إليك طرفك « والعلم اللدني : »وآتيناه من لدنا علما« وغيرها من العلوم التي تحدث عليها القرآن..بما في ذلك العلوم التي ليست في مقدرة الإنسان كعلم الساعة وعلم الشهادة وعلم الغيب.وغيرها..ويمكن إجمال كل هاته العلوم في علمين :
ـــ علم الدراسة أو علم الفريضة الذي يلزم العلم من أجل العمل
ـــ علم الوراثة أو علم الفضيلة الذي يعد علما يأتي بعد العمل
وهناك العديد من العلوم المتكاثرة منهما من علوم الفقه وعلوم القرآن حتى علوم الخواطر وحقائق الإيمان ..والتي لاتخرج بدورها عن ثلات مناهج في دراسة الإسلام هي :
ـــــ مناهج البيان :الساعية غالبا للشرح والتفسير
ــــ مناهج البرهان : الساعية لإثبات الحقائق
ــــ مناهج العرفان : الساعية للمس وذوق حقائق الإيمان
وهكذا يتبين جليا مدى ميزة الإسلام على كل الديانات الوضعية والمحرفة والتي يسعى كهنتها إلى طمس العقل والبصيرة والإيمان المطلق بالشعودة والكهنوت ..في حين يثني القرآن في كثير من آياته الكريمة على المفكرين وكل من يستعمل عقله..حتى أنه أعطى للعلماء درجة جد راقية كما يظهر ذلك من قوله تعالى : »قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لايعلمون « بل وجعلهم الرسول وارثين للنبوة كما في قوله صلى الله عليه وسلم : 
 العلماء ورثة الأنبياء .


فعكس كل الديانات إذن التي تلقن أتباعها أن مراميها فوق مستوى الفكر الإنساني لتطمس البصائر فإن من أهداف الإسلام تنوير بصيرة المومن وعقله بكل العلوم الصحيحة ..وكل علم أثبت أحقيته فهو إسلامي منطقا وشرعا ،وغالبا ما يربط القرآن الكريم بين العقل والقلب ساعيا إلى فقه القلوب الذي تميز به أهل العرفان من هاته الأمة :والعارف الحق في الإسلام هو الذي يصل إلى المعرفة بالله حيث يصير داعيا إلى الله على بصيرة، والبصيرة هي فقه القلب الذي لايرقى له إلا أهل الإحسان من المسلمين والذين وإن أثبتوا أن نور البصيرة بكشفه يصل إلى أطوار ما فوق الوعي والإدراك فإنهم لم يعيبوا في العقل إلا التفكير المادي الذي يطمس كل روحانيات الإ نسان.بينما الفكر الإسلامي بقي إنسانيا وعقليا لحد الربط بين العلوم الحقة والعديد من الآيات القرآنية ..حتى أن العديد من العلماء الباحثين أسلموا بالإعجاز العلمي للقرآن : حيث اندهشوا من احتواء القرآن على حقائق لم يصلها العلم إلا في العصور الحديثة ،
ومن المواضيع العلمية المرسومة في القرآن والتي أدهشت دقة آياتها العديد من الدكاترة المختصين حتى في العلوم الحقة :
1ـ وحدة الكون وسر الحياة
2ـ نشأة الكون
3ـ تمدد الكون وسعته
4ـ تحركات الشمس والقمر والأرض
5ـ تكوير الأرض
6ـ نقص الأوكسيجين في الإرتفاعات
7ــ تقسيم الذرة
8ـ الإزدواجية في كل شيء
9ـ السحب الركامية وخصائصها
10ـ إهتزاز الأرض بالمطر
11ـ توازن العناصر الكونية
12ـ الأمواج الداخلية والسطحية
13ـ تشابه عالم الحيوانات والطيور بعالم الإنسان
14ـ تنبؤات عن وسائل النقل
15ـ تنبؤات عن غزو الفضاء
16ـ دوران الأفلاك
17ـ مراحل نمو الجنين
18ـ أغشية الجنين
19ـ مصدر تكوين الإنسان
20ـ كيفية تكون الدكر والأنثى
21ـ العلق وربطه بالحيوان المنوي
22ـ إختلاف بصمات الإنسان
23ـ مراحل الجنين في البطن
وهناك غير هذا العديد من الآيات القرآنية المشيرة لكل العلوم دون استثناء لحد الإعجاز القرآني في القصة والسيناريو وكل فنون البلاغة التصويرية..بل وهناك العديد من الحقائق القرآنية ما نحن لحد الآن له جاهلين ..وقد ظهرت حديثا العديد من الكتب المقارنة بين العلم والقرآن، فتبثت قطعا »علمية القرآن » بكل العلوم الدقيقة حتى الرياضيات..بل وقد أصبح القرآن بهاته الصفة من الدعاة لليقين العلمي بما ثبت علميا من أحقية كل آيات القرآن ونصوص الحديث وندكر من بين آلاف الأد لة :
1ـ البراهين العقلية على وجود الله
2ـ آيات وآلاء الكون وتصديقها للقرآن
3ـ تأكيد علم الفضاء وكواكبه وخصوصا المجرة الشمسية وكل العلوم : للعقيدة الاسلامية
4ـ تاكيد نظام وتصميم الطبيعة على وجود الخالق
5ـ شهادة الخلايا الحية على وحدانية الله
6ـ شهادة وحدة الوراثة على وحدانية الله
7ـ خلق الإنسان كدليل على الخالق
8ـ توالد الإنسان والحيوان كدليل على وجود الخالق
9ـ خلق النبات دليل على وجود الله
10ـ خلق الحيوانات يؤكد وجود الله
11ـ شهادة الفطرة السليمة على الحقائق الإسلامية
12ـ كل العلوم الحقة تدعو إلى الإيمان
13ـ المناقشة المادية تثبت الحقائق القرآنية
ومن هاته الخصائص العلمية أعطى القرآن لكل عالم يبحث حقا عن الحقيقة أرضية واسعة للبحث في القرآن الكريم مما ركز لدى كل المومنين عن علم قناعة إيمانية وصلت بهم إلى أعلى درجات اليقين لحد كتابتهم في حقائق الإيمان وعلم التوحيد وعلم اليقين والإعجاز العلمي للقرآن وغيرها من العلوم التي تدعوا إلى كل يقينيات الإسلام ..ومما ركز هذا المبادئ الإسلامية التي يتميز بها العقل المسلم السليم إيمانه بمسلمات عديدة في الحوار بالتي هي أحسن والبحث العلمي والتي من بينها :
1ـ الدعوة للحجة والبرهان : »قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين »
2ـ الدعوة لليقين لاالشك « كلا لو تعلمون علم اليقين «
3ـ نبذ التقليد الأعمى : »وقالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا قل أولو كان آباؤكم لايعلمون شيئا ولا يهتدون
4ـ الدعوة للأحسن مما يرمز للتقدم : »إدفع بالتي هي أحسن »
5ـ الدعوة للغة العقل : »ويتفكرون في خلق السماوات والأرض »
6ـ الدعوة للمنطق الطبيعي المقروء بالكون كله : »إن في خلق السماوات والأرض واختلاف لليل والنهار لآيات لأولي الألباب »
7ـ الدعوة إلى التجاريب والمشاهدات والتأملات : »قل سيروا في الأرض فانظروا.. »
8ـ الدعوة للقراءة : »إقرأ باسم ربك الذي خلق »
فعلمية الإسلام ليست دعوى وإنما هي حقيقة تشير بكل دليل إلى أن الإسلام دين الحق لا البواطل ودين الحقائق لا الأوهام ودين الخير لا الشرور..إلا انه وإن نجح بعض علمائنا الأجلاء من توظيف العديد من العلوم الحديثة في الدعوة فإن هذا لازال لم يوظف بالمستوى اللا ئق بنا كمسلمين داعين للحقيقة ولغة العلوم في كل مجالاتها ..الأمر الذي يثير مرة أخرى موضوع « إسلامية المعرفة » التي تعد أداة ناجعة لربط الإسلام بالعلوم ربطا منهجيا والتطلع إلى كل يقينيات الدين التي لن نصلها إلا بالإيمان العلمي .

زبدة القول


زبدة القول :

فإيمان الإسلام بالعلوم وتوكيد العلوم للقرآن تعد جدلية بليغة في تبليغ الكنز الإسلامي للعالمين،وهي التي تؤكد بكل منهاج بأن الإسلام دين المستقبل : لأن لغة العلم هي اللغة الفاصلة مستقبلا وهي الخطاب الحقيقي للإسلام ..مما يلزم العاملين في حقل الصحوة بالإهتمام الكبير بمثل هاته المواضيع العلمية وعدم سجن الصحوة في الدروس الفقهية الإبتدائية التي جعلت العديد من المتنطعين وأنصاف العلماء يتجرؤون على الفتاوى وعلى الأخذ فيما ليس لهم به علم.. الأمر الذي يحتاج إلى دراسات عميقة في »كيفية النجاح في التنظير أولا لهاته الصحوة ».قبل التساؤل عن مدى نجاح هاته التنظيرات ..وإلا سنبقى دائرين في حلقات مفرغة كما حال العديد من الجماعات التي يرفض معظم المسلمين مناهجها. فكيف بغير المسلمين؟
والحل هو العلم للعمل ثم العلم من العمل وهذا هو الإسلام الكامل ..فلا للتقليد الأعمى ولا للظلامية ولو باسم المقدس ..ونعم للتنوير حتى بفلسفة الكافر إن نضجنا.